الأحد، 21 مايو 2017

المرأة الجزائرية والإبداع الفلسفي بقلم: جميلة حنفي


 المرأة الجزائرية والإبداع الفلسفي بقلم: جميلة حنفي 


 المرأة الجزائرية والإبداع الفلسفي  بقلم: جميلة حنفي


        إن تهميش المرأة فعل مترسخ في ذهنية مجتمعاتنا فهي لم تكن شيئا يذكر على حد قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “والله ما كنا نعد النساء شيئا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل”. واستمر توارث هذه الذهنية من جيل إلى جيل إلى يومنا هذا. وإذا كانت حدتها قد نقصت في مناطق الحضر من مدن وأمصار فإنها ما تزال باقية في مناطق البدو من أرياف وجبال.
        لقد احتلت المرأة مكانا ثانويا وتم إقصاؤها من مختلف ميادين الفعل الاجتماعي بحجة أنها كائن ضعيف، مكانه في البيت والمطبخ، مخلوق للمتعة ولحفظ النسل وليس مؤهلا للفكر والإبداع. لقد اختزل المجتمع بأعرافه وتقاليده المرأة في جسدها ومحى عقلها ما جعل ثنائيات استشكالية كثيرة تبرز على بساط البحث مثل المرأة والسياسة، المرأة والعلم، المرأة والفن، المرأة والفلسفة، وبصورة أوضح وأدق يمكن إجمال هذه الثنائيات في المرأة والإبداع.
        إن الإبداع لا ريب إنساني وليس ذكوريا ولا أنثويا، لكن الملاحظ أن مجالاته تتنوع وتتعدد عند الرجل  من علوم وفلسفات وفنون بينما تقل وأحيانا تندر عند المرأة. وهذا هو حال الإبداع في مجال الفلسفة –علما أن أقصى ما يمكن أن يحققه الإبداع في مجال الفلسفة هو تدشين قراءة جادة وأصيلة لموضوعات قديمة ولكنها متجددة الطرح وبإلحاح-. والحق هذا الأمر ليس مقصورا على مجتمعات وثقافات معينة دون أخرى بل هو ظاهرة عالمية وتاريخية كانت في الماضي تشمل العالم كله لكن المؤسف الآن أنها ما تزال موجودة في عالمنا العربي على وجه الخصوص.
        على ضوء ما سبق ينحصر موضوع هذا المقال في النظر في ما يعيق الباحثة العربية وتحديدا الجزائرية عن الحضور والتميز في مجال الفلسفة، ولما لا الابتكار والتنظير؟ هل لأنها لا تملك أدوات التحليل والنقد الفلسفي؟ أم هو شعور باطني متخفي بالدونية؟ أم أن المسألة تتعلق بنمط ثقافي محدد مشكل من الأعراف والتقاليد التي وجد المنطق الذكوري سندا وتبريرا لها في تأويل فقهي معين للدين ؟
نعتقد أن هناك ثلاثة عوامل أعاقت الباحثة الجزائرية عن الإبداع في مجال الفلسفة وهي:
أولا: التنظيمات التشريعية للدولة الجزائرية ما انفكت مند الاستقلال تمنح الفرصة نفسها للذكر والأنثى في التحصيل العلمي، ولم تقصر أبدا البحث والتعليم على جنس دون آخر وذلك في مختلف أطوار التعليم ابتدائيا كان أو متوسطا أو جامعيا، لكن الملاحظ عند تصفح كتب الفلسفة المخصصة لمستوى الثانوي غياب حضور المرأة بصفتها عنصرا فاعلا في إنتاج الخطاب الفلسفي(مثلا سيليا بن حبيب Seyla Benhabib، حنا أرندت Hannah Arendt، وجوديث بوتلرJudith Butler وغيرهن)، وهذا ما يكرس لدى الناشئة فكرة أن الفلسفة للرجال وليست شأنا نسائيا.
ثانيا: انتماء الجيل الأول من أساتذة الفلسفة في الجامعة الجزائرية إلى التيار الإصلاحي الذي كرس فكرة النساء قعيدات البيوت وظيفتهن حفظ النسل وتربية الأطفال والعناية بأمور المنزل.
ثالثا: دعوة الفكر الإصلاحي في الجزائر إلى تربية المرأة وتعليمها إلا أنه بالمقابل رسخ أولوية الرجل وهيمنته وسيادته عليها. لقد أقصر تعليم المرأة على أمور المنزل وتربية الأولاد مما أسهم في تعطيلها عن ممارسة النشاطات الإبداعية المختلفة. ربما تطلب الوضع آنذاك هذه المقاربة لكن المشكلة اليوم أننا ما نزال نفكر بالطريقة نفسها بعد مرور سنوات وسنوات على هذا المسعى الإصلاحي الذي لم يعد في شقه هذا منسجما      مع مستجدات الراهن.
          وللاقتراب أكثر من المقاربة الإصلاحية لموضوع المرأة عدنا إلى ما كتبه العلامة عبد الحميد بن باديس. ولقد شد انتباهنا عنوان محاضرته “الرجل المسلم الجزائري”، والذي تبين من خلالها أن محور الاهتمام الحقيقي لديه ليس المرأة في ذاتها إنما المرأة كما يريدها الرجل. ففي حديثه عن سبب اختيار الموضوع يقول إن فكره وقع «على المرأة وحالتها وواجباتها وحقوقها». وأثناء تفكيره هذا إذا بالرجل المسلم الجزائري ببرنوسه وقنوره يقف أمام خياله. هذا يعني أن ابن باديس لم يتجاوز بنية المجتمع التقليدية فيما يخص النظر إلى المرأة فهو يفكر في المرأة المناسبة للرجل الجزائري ببرنوسه وقنوره، وكأن هذا البرنوس والقنور قدر محتوم تكون على إثره وضعية المرأة قدرا محتوما أيضا.
         يخاطب الرجل صاحب البرنوس والقنور شيخنا قائلا بكل عنجهية:«أنتم تفكرون في تعليم المرأة فلمن تعلمونها؟ لي أنا الرجل الجاهل ليقعن لها ما يقع للعالم الضعيف المغلوب من الجاهل القوي الغالب. ومن يعلمها؟ أنا الجاهل كيف أترك نفسي وأعلمها؟ أنتم تفكرون في نزع حجابها وخلطها بالمجتمعات ألا تخافون عليها غيرتي؟ فلأقاتلن عليها ألا تخافون إغارتي فلأضايقنهن ولترين مني كل أنواع التعدي والأذى. إذا أردتم التفكير الصحيح والإصلاح المنتج ففكروا فيﹼ قبلها، فأنا أبوها وزوجها، ووليها ومصدر خيرها وشرها. وإذا اردتم إصلاحها الحقيقي فارفعوا حجاب الجهل عن عقلها قبل أن ترفعوا حجاب الستر عن وجهها، فإن حجاب الجهل هو الذي أخرها>>.
         ومن الغرابة أن يتناول هذا الخطاب في نظر شيخنا حججا دامغة تتمثل فيما يأتي:
أولا: الرجل جاهل لكن جهله لا يمنع قوته وغلبته، ونتساءل ما قيمة هذه القوة والغلبة على كائن يرون أنه ضعيف وهو المرأة؟
ثانيا: تعليم الرجل وتهذيبه أولى من تعليم المرأة، فهو الأب والزوج وولي المرأة ومصدر خيرها وشرها. ولم يتبادر إلى ذهن شيخنا أن المرأة ربما تكون أشد حاجة إلى التعليم من الرجل؟
ثالثا: الإصلاح الحقيقي رهن برفع حجاب الجهل عن عقل المرأة وليس حجاب الستر عن وجهها. ومن المفارقة حقا أن يدعو شيخنا إلى رفع حجاب الجهل عن عقل المرأة، وفي الآن ذاته يرى أنه ينبغي أن يكون هذا العقل خاضعا لتحكم الرجل ولإرادته.
        هكذا وبناء على ما رآه من مبررات عدل شيخنا عن التفكير في المرأة إلى التفكير في الرجل ما جعله يضع لمقاله عنوان: “الرجل المسلم الجزائري”، فتوصل إلى أن الرجل رئيس البيت وسيده، عليه واجب الرعاية بالسعي والتكسب، بالتهذيب والتعلم، لزوجته ولأبنائه وبناته. وعلى المرأة واجب الطاعة والخضوع. وكأن شيخنا لم يرد الاعتراف بقانون التغير الذي زعزع سيادة الرجل فهو لم يعد الأكثر عملا ولا الأجلب نفعا. ويمضي في القول إن « العناية بالرجل تستلزم العناية بالمرأة» «هو الأول وهي الثانية: … هو المقدم عليها، والقيوم على شأنها، والمسؤول عن إنهاضها. تشهد بهذا الفطرة الظاهرة في ضعف خلقها، والتاريخ البشري بما فيه من مدنيات قديمة وحديثة كلها قامت على كواهل الرجال.» ما يعني أن العناية بالمرأة ليست لذات المرأة.
         وبعدما فرغ من الحديث عن الرجل المسلم الجزائري لم ير بأسا «أن نتكلم شيئا» عن المرأة. فهي كائن خلق لغرض بيولوجي محدد هو الأمومة وحفظ النسل والإنجاب. وغرض اجتماعي يتمثل في حضانة وتربية الأطفال. ولذلك علينا في نظره « أن نعلمها كل ما تحتاج إليه للقيام بوظيفتها الغريزية ونربيها على الأخلاق النسوية التي تكون بها المرأة امرأة لا نصف رجل ونصف امرأة. فالتي تلد لنا رجلا يطير خير من التي تطير بنفسها».
         لقد تشبث شيخنا بالتقليد والإرث الاجتماعي ودافع عن المرأة التقليدية ورفض الدعوات المنتشرة في المشرق وفي تونس أيضا المنادية بتحرير المرأة مثل قاسم أمين والطاهر حداد وغيرهما فهما في نظره يدعوان إلى الذهاب بالمرأة في تيار المدنية الغربية وإلى ما يخرجها عن حدود دينها ووظيفة أنوثتها. ولم يفكر بالمرأة الجديدة ولم يول لوعيها السياسي والاجتماعي أية أهمية وجعل تعليمها محدودا جدا لا يسمح بتفتحها على العلوم والآداب والفنون.
         لقد بقي تناول ابن باديس لموضوع المرأة حبيس العادة والتقليد، فهو قد سايرهما ولم يثر على فكرة النساء قعيدات البيوت بل زادها رسوخا. وكرس سلطة الرجل على المرأة مما أوهن قدراتها وعطل مواهبها وأعاقها عن التقدم لزمن ليس بالقصير في حين إن «البيت أصغر من أن يستوعب كل إنسانية المرأة وكل عقلها وكل قلبها لأن الدنيا الواسعة هي بيتها الأول». ولقد أريد للآية الكريمة «الرجال قوامون على النساء» أن تكون مطية للانتقاص من ذكاء المرأة ووعيها وقدرتها على الإبداع والنتاج المعرفي بشكل عام. فيا ترى لماذا انتقى ابن باديس هذا النص تحديدا ولم يستدع نصوصا أخرى من القرآن الكريم والسنة النبوية الفاضلة؟
ومن المفارقات أن تجد قضية المرأة وفي سياق التيار الإصلاحي ذاته مساندة واضحة وجريئة من قبل الشاعر محمد الصالح خبشاش 1904- 1939 في قصيدة “المرأة الجزائرية والحجاب” حيث أبدى تذمرا شديدا من حجاب العقل وحجاب الستر على حد سواء إذ يقول:
تركوك بين عباءةٍ وشقاء ** مكؤوبةً في الليلة الليلاء
مغلولة الأيدي بأسوإ بقعةٍ ** محفوفةً بكتائب الأرزاء
دفنوك من قبل الممات وحبّذا ** لو متّ قبل تفاقم الأدواء
مسجونةً مزجورةً محرومةً ** محفوفةً بملاءةٍ سوداء
ماذا جنيتِ على الزّمان وأهله ** حتى رموك بطعنةً نجلاء
          ومن مفارقات التاريخ أيضا أن نقرأ لمؤسس الدولة الجزائرية الأمير عبد القادر الجزائري 1807-1883 أبيات شعرية رقيقة وجميلة يخاطب فيها زوجته بوصفها إنسانا وليست متاعا يمتلكه الرجل أو شيئا عليه أن يسطو عليه، فهو لم يمنعه العرف ولا التقليد عن التعبير عن لوعته وحبه من دون أية عقدة في مجتمع يعد الحب عارا. ومما قاله الأبيات المشهورة الآتية:
أقاسي الحب من قاسي الفـؤاد ** وأرعـاه ولا يــــــــرعـى ودادي
أريد حياتهـا وتريــــــــد قتلـي ** بهجـــــــــــرٍ أو بصــــدّ أو بـعـاد
وأبكيها فتضحك مـــلء فيهـا ** وأسهــر وهي في طيـــب الرقـاد

رابعا: بغض النظر عن الانتعاش الراهن وهل هو انتعاش سطحي تجاري محض أو انتعاش فلسفي عميق وحقيقي فإن الفلسفة قد نالت هي الأخرى على وجه العموم حظها من التهميش والإقصاء مثلها مثل المرأة. فقد كانت وما تزال موضع سخط الفقهاء وإقصاء الساسة وذلك من أجل تعطيل فعل النقد. فالفقهاء يرون فيها بابا من أبواب الكفر والإلحاد والزندقة ما نتج عنه عزوف جمهور المسلمين عن الخوض في المسائل الفلسفية مخافة على إيمانهم لئلا يشوبه شك. فالفقهاء ما انفكوا ينظرون إلى الفلسفة على أنها دخيلة على المجتمع مما حال دون نشر الوعي الفلسفي والحس النقدي. ولم يخطر على بالهم البتة أن الفلسفة من حيث هي بحث في الحقيقة ونظر وتأمل في عوالم الله تعالى من شأنها أن تزيد إيماننا رسوخا وروحنا الدينية عمقا ويقينا. أما الساسة فقد وجهوا عنايتهم للعلوم الطبيعية والرياضيات أولا ثم للعلوم الاجتماعية والآداب ثانيا مكرسين فكرة أن الفلسفة كلام من أجل الكلام وبلبلة فكرية. والمخطئ من يعتقد أن التقدم يستقيم بالاهتمام الزائد بالعلوم الطبيعية والرياضيات من جهة وإهمال المواد الاجتماعية منها الفلسفة. وهذا كله أدى إلى النفور من دراستها سواء لدى الذكور أو الإناث.
ورغم هذه العوائق المشار إليها سابقا فإن الكتابة الفلسفية النسوية حاضرة في جامعاتنا والدليل على ذلك مختلف الإسهامات التي قامت بها الأستاذة والباحثة الجزائرية في ميدان الفلسفة من نشاطات علمية ومحاضرات وندوات وملتقيات. وكذلك الأطروحات الفلسفية المختلفة المكتوبة بأقلام نسوية منها ما هو متعلق بالفكر الفلسفي الغربي أو الفكر الفلسفي العربي نذكر على سبيل المثال لا الحصر قسم الفلسفة في جامعة الجزائر2 حيث أنجزت بحوث أكاديمية متميزة عن جملة من الفلاسفة الغربيين أمثال بندتو كروتشي، إدموند هوسرل ، يورغن هابرماس، برتراند راسل، لويس التوسير، لودفيغ فتجنشتاين، مارتن هيدجر، وبحوث أخرى عن المنطق والفلسفة الإسلامية.
لكن هذه الإسهامات تبقى محدودة بعض الشيء مقارنة بالكتابة الذكورية وذلك لأسباب أخرى متعلقة بانشغال المرأة بأمور المنزل وتربية الأولاد ومسؤوليات عائلية أخرى بينما الرجل الجزائري أوفر حظا لأن التقاليد علمته أن مساعدة المرأة في الاهتمام بمسائل المنزل والأولاد تنقيص من قيمته بصفته رجل –وللأسف هو وضع أسهمت المرأة ذاتها في صناعته- ما جعله يتمتع بوقت أوسع لإنجاز البحوث. ما يجعلنا نقول إن المرأة الجزائرية واكبت حراك الزمن بينما بقي الرجل أو الوعي الجمعي الذكوري مصرا وبكل تعنت فيما يخص نظرته إلى المرأة وإلى دورها في المجتمع على التمسك بذهنية الماضي حينما كانت المرأة سجينة جدران بيتها لأن في ذلك تهديد لمركزيته الشاملة وللرؤية الأحادية الذكورية للواقع والأشياء ولمواقع السيطرة التي يحتلها.
           وللأسف الشديد نجد لدى البعض من نخبتنا المفكرة من يساند الرأي القائل إن الاشتغال بالفلسفة حكر على الذكور دون الإناث حيث نقرأ لعلي حرب مثلا قوله «إن صيغة التأنيث تستبعد مع وجود متفلسفات، اذ يصار إلى تذكير الصيغة، فيقال للمشتغلة في الفلسفة: Le Philosophe  وليس La Philosophe. على كل حال لنعترف بأنه لم تنبغ حتى الآن فيلسوفات لا في الغرب ولا في الشرق. فالفلسفة لا تزال وقفا على الرجال تماما كالنبوة. وكما لا وجود لنبيات، كذلك لا وجود لفيلسوفات». ولقد فات مفكرنا أن صيغة التأنيث تستبعد حتى في مجال الطب والتعليم إذ يقال docteur أكثر مما يقال doctoresse ويقال professeur أكثر مما يقال professeure فهل هذا مرده إلى عدم اشتغال المرأة الغربية بالطب والتعليم؟
           أضف إلى هذا فإن القول بعدم وجود فيلسوفات لا في الغرب ولا في الشرق يشوبه التسرع ورؤية من زاوية أحادية وحكما مسبقا لا مبرر له سوى اللاوعي بالسيطرة الذكورية وهو اللاوعي نفسه الذي جعله يرى أن الفلسفة هي وعي المرء لذاته «وإذا كانت الفلسفة كذلك فإن غيابها لدى الجنس الأخر يعني أن الرجل يمارس علاقته بالمرأة بوصفه ذاتا، في حين تمارس هي علاقتها به بوصفها موضوعا» من دون محاولة تفسير علة ذلك. حيث «تغافل الدور البارز الذي تلعبه الظروف الاجتماعية والدينية… إلخ واستعباد الرجال للنساء وسيطرتهم عليهن طويلا، وما ترتب على ذلك كله من عدم إتاحة الفرصة للنساء للتعليم وإظهار قدراتهن العقلية… حتى أننا نستعذب قتل المواهب في الرجال فما بالك بالنساء؟ » كما ذهب إلى ذلك الأستاذ إمام عبد الفتاح إمام، ما يعني أن المواهب والقدرات والاستعدادات الفردية تحتاج إلى محيط اجتماعي يرعاها ويدعمها حتى تنضج وتتفتح وتزداد نماء أكثر فأكثر على نحو يجعلها قوى فاعلة وخلاقة في الكيان الاجتماعي. وهو قد أضاف قائلا إنه «عندما خضع الرجل لطغاة عبر التاريخ حرموا عليه التفلسف على نحو ما فعل الإمبراطور الروماني نيرون وغيره- اختفت الفلسفة أيضا حتى بالنسبة للرجال. ومعنى ذلك أن الرجل لو كان في وضع المرأة ولو مر بهذه الظروف نفسها لكان هو الأدنى والأقل عقلية أو العاجز عن التفلسف».
          في الأخير نقول إن السؤال عن إشكالية الإبداع في مجتمعنا هو لا محالة وعي بها وهو في الوقت ذاته إرادة لتجاوزها إلا أن هذا يتطلب كما بين عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو إخراج السيطرة الذكورية المغروسة في اللاوعي الجمعي، والمحددة للعلاقات بين الرجل والمرأة وتحويلها إلى وعي يعيد كتابة التاريخ.

الهوامش:


1- آثار ابن باديس، الجزء الأول، المجلد الثاني، مقالات اجتماعية تربوية أخلاقية دينية سياسية. إعداد وتصنيف عمار طالبي، ط3، (الجزائر: الشركة الجزائرية لصاحبها الحاج عبد القادر بوداود، 1997 )، ص 464.
 2- المرجع نفسه، ص.ص 464-465.
3- المرجع نفسه، ص 467.
4- المرجع نفسه، ص 468.
5- الصفحة نفسها.
6- المرجع نفسه، ص469.
7-  سلامة موسى، المرأة ليست لعبة الرجل، (القاهرة: كلمات عربية للترجمة والنشر، 2011)، ص11.
8- القرآن الكريم، سورة النساء، الآية 34.
9- علي حرب، نقد النص، الطبعة الرابعة، (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005)، ص260-261.
10- المرجع نفسه، ص261.
11- إمام عبد الفتاح إمام، نساء فلاسفة، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996)، ص19.
12- المرجع نفسه، ص23.

*************

*أستاذة محاضرة
قسم الفلسفة بجامعة الجزائر2 أبو القاسم سعد الله

رابط تحميل المقال: إضغط هنا



1 التعليقات:

المكتبة الذهبية يقول...

شكرا جزيلا على هذا المقال

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Elf Coupons